توجد أببار  على  فى المدينة المنورة .   و هي ميقات أهل المدينة المنورة الذي ينوى عنده و يحرم من أراد  الحج أو العمرة ، و كانت تسمى فى زمن النبي (صلعم) ذي الحليفة .  و عكس المتوقع فعلى المنسوبة إليه هذه الآبار ليس على بن أبى طالب رضي الله عنه ، و لكنها سميت بذلك نسبة لمؤسسها على بن دينار الذي جاء إلى الميقات فى عام 1898 حاجا و وجده فى حالة سيئة ، فحفر الآبار للحجاج ليشربوا منها و يطعمهم عندها ، كما جدد مسجد ذي الحليفة ، الذي صلى فيه النبي يوما ما و هو خارج للحج من المدينة المنورة .

على بن دينار كان سلطان دارفور  الذي بادر بإقامة مصنعا لصناعة كسوة الكعبة الشريفة فى مدينة الفاشر عاصمة دارفور عندما تأخرت مصر بإرسال الكسوة ، و ظل عشرين عاما تقريبا يرسل كسوة الكعبة إلى مكة المكرمة .

كانت دارفور سلطنة إسلامية تبلغ مساحتها مساحة فرنسا و يبلغ تعداد سكانها 6 ملايين نسمة ، و نسبة المسلمين فيهم تبلغ 99 % ، و من تردد سكانها على الأزهر الشريف لحفظ و دراسة الفقه أن سمى رواق فيه باسم رواق دارفور .  و كانت سلطنة دارفور كيانا قائما بذاته لقرون عديدة تخللتها بعض سنوات الهيمنة من الحكم المصري العثماني لمدة تسع سنوات و نصف ، ثم سيطرة المهديين على بلادهم ، و أخيرا بعد نجاحهم فى الثورة على المهديين تم ضمهم للسودان تحت الحكم الانجليزي فى سنة 1917 .

يقول الخبراء أيضا بأن السودان هي سلة الغذاء في إفريقيا، لأن السودان أغني وأخصب أراضي العالم في الزراعة، كما أكتشف فى السودان مؤخراً كميات هائلة من البترول، ومثلها من اليورانيوم في شمال دارفور .  فهل هذا هو سبب المشكلة أي نزاع على الثروة حتى قبل أن تعم ، أم أنها الاختلافات بين القبائل المستقرة من الأفارقة و الرحل العرب ، أم أنه صراع على السلطة و رفض لسلطة المركز ، أم أنه مزيج من كل ذلك تمت فبركته بأيدي أجنبية كما نحب دائما أن نعتقد .

أعتقد بأن مشكلتنا فى معرفة ما يحدث فى دارفور اليوم تبدأ أولا فى المعرفة ذاتها و بعد ذلك يأتي دور التعتيم و التهميش و حتى التجهيل .  فبينما تتدافع الأنظمة العربية و حتى جامعة الرؤساء و الملوك العرب بالتصدي للمحكمة الدولية و الدفاع عن البشير و نظامه ، يتم تعتيم كامل عما يحدث فى دارفور لسكانها أفارقة و عربا من مذابح و تشريد و تهجير،  و فى النهاية أصبحنا لا نميز بين البرئ و المذنب فى هذه الكارثة التي ابتلى بها السودان .

يسهل الحديث عن المؤامرة الدولية على السودان لاستنزاف خيراته بافتعال هكذا كارثة و كأن الدول العربية الأخرى ذات الخيرات الوفيرة مانعة خيراتها عن العالم ، و لكنها العقلية العقيمة التي تجرنا إلى اختلاق أعداء وهميين لأننا لا نملك الشجاعة الكافية لمجابهة مشاكلنا الحقيقية .  فماذا حقا يحدث فى دارفور؟